سورة الفاتحة - تفسير تفسير التستري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الفاتحة)


        


فصل في قوله بسم اللّه الرحمن الرحيم
قال أبو بكر: سئل سهل عن معنى: «بسم اللّه الرحمن الرحيم» فقال: الباء بهاء اللّه عزّ وجلّ. والسين سناء اللّه عزّ وجلّ. والميم مجد اللّه عزّ وجلّ.
واللّه: هو الاسم الأعظم الذي حوى الأسماء كلها، وبين الألف واللام منه حرف مكنى غيب من غيب إلى غيب، وسر من سر إلى سر، وحقيقة من حقيقة إلى حقيقة. لا ينال فهمه إلّا الطاهر من الأدناس، الآخذ من الحلال قواما ضرورة الإيمان.
والرحمن: اسم فيه خاصية من الحرف المكنى بين الألف واللام.
والرحيم: هو العاطف على عباده بالرزق في الفرع والابتداء في الأصل رحمة لسابق علمه القديم.
قال أبو بكر: أي بنسيم روح اللّه اخترع من ملكه ما شاء رحمة لأنه رحيم. وقال علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه: «الرحمن الرحيم» اسمان رقيقان أحدهما أرقّ من الآخر، فنفى اللّه تعالى بهما القنوط عن المؤمنين من عباده.


{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (2)}
قال سهل: معنى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} [2] الشكر للّه، فالشكر للّه هو الطاعة للّه، والطاعة للّه هي الولاية من اللّه تعالى كما قال اللّه تعالى: {إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا} [المائدة: 55] ولا تتم الولاية من اللّه تعالى إلا بالتبري ممن سواه. ومعنى: {رَبِّ الْعالَمِينَ} [2] سيد الخلق المربّي لهم، والقائم بأمرهم، المصلح المدبر لهم قبل كونهم، وكون فعلهم المتصرف بهم لسابق علمه فيهم، كيف شاء لما شاء، وأراد وحكم وقدر من أمر ونهي، لا رب لهم غيره.


{مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)}
{مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [4] أي يوم الحساب، {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} [5] أي نخضع ونذلّ ونعترف بربوبيتك ونوحّدك ونخدمك، ومنه اشتق اسم العبد. {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [5] أي على ما كلفتنا بما هو لك، وإليك المشيئة والإرادة فيه، والعلم والإخلاص لك، ولن نقدر على ذلك إلّا بالمعونة والتسديد لنا منك، إذ لا حول لنا ولا قوة إلّا من عندك. فقيل له: أليس قد هدانا اللّه إلى الصراط المستقيم؟ قال: بلى، ولكن طلب الزيادة منه كما قال: {وَلَدَيْنا مَزِيدٌ} [ق: 35] فكان معنى قوله: «اهدنا»: أمددنا منك بالمعونة والتمكين. وقال مرة أخرى: «اهدنا» معناه أرشدنا إلى دين الإسلام الذي هو الطريق إليك بمعونة منك، وهي البصيرة، فإنا لا نهتدي إلّا بك، كما قال: {عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ} [القصص: 22] أي يرشدني قصد الطريق إليه. قال: وسمعت سهلا يحكي عن محمد بن سوار عن سفيان عن سالم عن أبي الجعد عن ثوبان قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «يقول اللّه عزّ وجلّ: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فنصفها لي ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل. قال: فإذا قال العبد: «الحمد للّه ربّ العالمين» قال تعالى: حمدني عبدي، فإذا قال: «الرّحمن الرّحيم» قال اللّه تعالى: أثنى عليّ عبدي، وإذا قال: «مالك يوم الدّين» يقول اللّه: فهذه الآيات لي ولعبدي بعدها ما سأل، وإذ قال: «إيّاك نعبد وإيّاك نستعين اهدنا الصّراط المستقيم» إلى آخره يقول اللّه عزّ وجلّ: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل».
قال سهل: معنى قوله: «مجدني عبدي» أي وصفني بكثرة الإحسان والإنعام، وقال سهل: وروي عن مجاهد أنه قال: آمين اسم من أسماء اللّه تعالى، وقال ابن عباس رضي اللّه تعالى عنهما: ما حسدتكم النصارى على شيء كما حسدتكم على قولكم آمين.
وحكى محمد بن سوار عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «استقيموا ولن تحصوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة، ولا يحافظ على الوضوء إلّا مؤمن، فإذا قال الإمام: ولا الضالين، فقولوا: آمين، فإن اللّه يرضى على قائلها، ويقبل صلاته، ويجيب دعاءه».
وحكى الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة رضي اللّه تعالى عنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إذ قال الإمام: «ولا الضالين» قولوا: آمين، فإن الملائكة يقولون آمين، فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه».